تجاعيد؛على جبين الريح
1
الريح أمٌّ عمياء
تتعثر بالجثث
لا أكفان سوى الغيوم
لكن الكلاب أسرع
2
القمر
مقبرةٌ للضوء
والنجوم نسوةٌ
يبكين
3
تَعِبت
من حمل النعوش
كتفا الريح
فاتّكأت
على جذع نخلة
سألها قمر اصطناعي
عن وجهتها
تمتم صمتُ عكازها:
"بغداد"
فاحترقت النخلة
4
تزحف
أصابع الجندي
كعلامات استفهام
أو مناجل
تنبش رحم الريح
بحثاً عن أسلحة
...
ليس سوى الدخان
وغبار اليورانيوم!
5
كم هو ضيّق
هذا الممر الذي ينام
بين حربين
لكنّي سأعبره
6
قلبي لقلق
ينام
على قُبة بعيدة
في بغداد
عُشّه من عظام
وسماؤه من موت
7
ليست هذه أول مرة
تغسل الأساطير وجهها
بدمائنا
ها هي
تحدق في مرآة الأفق
مرتدية عظامنا
8
يسيل لعاب الحرب
فيلهث الطغاة والمؤرخون
وتضحك تجعيدة
على وجه طفل
سيلعب في فسحة
بين حربين
9
الفرات
جنازة طويلة
تُطبْطُبُ المدن
على كتفيه
ويشيّعهُ
النخل
10
غرابان يقفان
على كتفي بغداد
واحد ينقرُ من عينيها
والآخر
ينتظر
11
يلعب الطفل
في حديقة الزمن
فتناديه،
من الداخل،
الحرب:
هيا!
12
القبر مرآة
ينظر الطفل فيها
ويحلم:
متى أكبُر
لأصير مثل أبي
أكثر موتاً؟
13
الفرات ودجلة
وتران
في قيثارة الموت
ونحن أغنيات
أو أصابع
14
هنا أنا
منذ حربين ونصف
في غرفة
شباكها قبر
أخاف أن أفتحه
على الجدار مرآة
حين أقف أمامها
عاريا
تضحك عظامي
وأسمع أصابع الموت
تدغدغ الباب
15
أضع أذني
على بطن هذه اللحظة:
أسمع الآتي يئن
أضعها على لحظة أخرى:
نفس الشيء!
القاهرة، آذار- حزيران 2003
[من ديوان "ليل واحدٌ في كل المدن" دار الجمل بيروت - بغداد]